الديمقراطية الاستثنائية

*إخلاص العبادي – مجلة الوعي السياسي

نجد في هذا المجال، الذي يكثر فيه إقامات الفنادق والصور الفيسبوكية، واللقاءات الحصرية مع  مسؤول من هنا وهناك؛ أننا في دائرة نشارك بها مجموعة من الشباب الناشطين، نعم ناشطين، فجميع طلبات الانتساب نجدها تتضمن جملة من المعايير التي تؤكد أنك ناشط!، حيث تجمعنا اهتمامات متقاربة، من خلال التمارين التفاعلية، وان كنت شخص فضولي؛ ستحقق هذه الرغبة وتتعرف عن قرب على الناشطين والفاعلين من الداخل، ثم تكثر التمارين ومنهجيات نقل المعرفة – التي سنتحدث أكثر فيما بعد عن انواعها – الكثير من السياسة أو الاقتصاد على القليل من الحقوق والاتفاقيات … الخ 

يبدوا أنَّ الأمر بغاية الجاذبية عند أول مشاركاتك لأحد البرامج أو الفعاليات في منظمات المجتمع المدني غير الربحية، تذهب للمنزل بأجندة عمل ومرفقات لتقرأها أكثر، تشعر بأن قيمتك السياسية أو الاجتماعية وبحسب البرنامج الذي شاركت به؛ بدأت تنمو أكثر فأكثر، تتعرف على مصطلحات رنانة “وما أحلاها لو كانت بالانجليزي، لأننا نقدس لغة الخواجا” … وماذا بعد؟ 

في المشاركات الأولى، تشارك صورك على وسائل التواصل الاجتماعي، يعلّق لك بعض من العائلة والقليل من الأحباء وتشعر بأنك ناجح وقدوة وغيرها من الكلمات الجميلة، بعد ذلك تجد أنك تسلك طريقين لا ثالث لها، وإذا أردنا وضع عناوين فرعية لهما، فاول الطرق هي:

وهم التمكين والتمادي بالغطرسة: 

يصف هذا الطريق ببساطة  من هم حصلوا على الكثير من الشهادات من الجمعيات والمؤسسات غير اللائقة للعمل مع الشباب وتحقيق التمكين والتنمية لعدة أسباب، منها أن العاملين عليها ينقصهم الخبرة في نقل المعرفة التي تكون بعضها قشرية؛ أي تحاكي قشور المعرفة، واخرى جيدة إلى حد التوهان، أو ربما لان مسؤول المشروع غير سوي، وعلى علاقة جيدة بالمانح وغير مكترث لشأن الشباب، أو ربما لأن المؤسسة تملك موظفًا جيدًا،  إلى درجة يجيد  كتابة تقارير عن تطور الشباب تماماً مثل دعاية MBC4 عن الأردن. 

المشكلة تتمحور حول هذا الشاب الذي يعيش حالة نجاح زائفة، يعتقد أنه قائد مهم، لدرجة يصبح غير قادر على تلقي أي معلومة جديدة، وغير قابل للتطور تماماً كموظف القطاع العام في المؤسسات البيروقراطية، ولا بد هنا من التذكير بأن هذا الوصف لا ينطبق الجميع.

وهذا ما تؤكده دراسة الباحثة حياة الدبيس بعنوان “دور مؤسسات المجتمع المدني في تمكين الشباب الأردني” على عينة شبابية تقارب  775 شاب، لتظهر واحدة من النتائج أن التمكين الذي حققته هذه البرامج على الشباب منخفضة جداً، لاسيما محور التنمية السياسية الذي يأخذ أقل نسبة.

أما التيار الآخر؛ شباب المستقبل ووهم التمكين 

يتجمع به الشباب وتبدأ طريقها مع المنظمات سابقة الذكر، ثم تشق طُرق معززة من القراءة واللقاءات العامة والأبحاث وغيرها ليكون شاب قادر على المشاركة والتفاعل بالمجال العام، لكن ما أن يقرر هذا الشاب المشاركة بالمجال السياسي على سبيل المثال يجد أن الطريق أمامه مليئ بالتحديات التي تحد من وصوله، فيجد أن الإرادة الحقيقية لدولة ديمقراطية مكتوبة وغير مفعَّلة، وأن المطالبات التي تنادي به هذه المنظمات لا تجدي نفعاً، فحملات تخفيض سن الترشح لا تسمن ولا تغني من جوع، في ظل وجود تعليمات الهيئة المستقلة للانتخابات حول الانفاق على الدعايات الانتخابية، وان المبلغ الذي سيدفعه المرشح (250- 500) حسب نوع الترشح تثقل كاهل الشباب، وكيف نلتفت لعمل البرلمان وننسى أن أول خطوة للمشاركة الفاعلة تأتي من المحيط المحلي والمجتمع المحلي، أي عمل البلديات، حيث أن الأمية بالعمل البلدي تزداد مقارنة بوظائف وأدوار السلطة التشريعية لعدة اسباب اهمها ان “ترند السلطة التشريعية” بين المنظمات هو الدارج. 

خلاصة القول:على الشباب الناشط ومنظمات المجتمع المدني وغيرها من الجهات المهتمة بدعم وتطوير الشباب، على الأقل دراسة الوضع الراهن وما هي المعطيات الحالية من أجل الوصول الى النتائج الحقيقية للتنمية بعيدا عن الوهم، وأن زيادة أرقام الشباب الكمية بالتقارير المقدمة للمانح، لا علاقة لها بقياس نجاح البرامج على الفئة المعنية من الشباب. 

______________________

* حاصلة على درجة الماجستير في مجال الصحافة والإعلام، عملت مع العديد من المنظمات الدولية، مهتمة بالمجال السياسي والانتخابات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى