نشأة مركز المواطنة

في أعقاب الاحتجاجات الشعبية التي اجتاحت البلدان العربية في عام 2011، والتي عرفت بـ “الربيع العربي”، حدثت تغييرات سياسية واجتماعية واسعة في بنية الاجتماع السياسي العربي، وفي هذا السياق، توصلت نتائج اجتماعات نقاشية عقدت في عمّان وتونس ولبنان عام 2015 بقيادة مجموعة من الشابات والشبان الناشطين في المجتمع المدني، حول سبل تعميق وبناء التحول الديمقراطي، إلى أن الانتقال إلى الديمقراطية لن يكون ناجعًا أو حقيقيًا بسبب وجود إشكالية وقصور في فهم المواطنة والعقد الاجتماعي، نتيجة ضعف في الثقافة السياسية والمدنية، وتشوّه في قيم الحوار والصالح العام. 

بناء على ذلك، تبلورت الفكرة حول ضرورة إيجاد مشروع مواطنة حديث، يقوده الشباب والشابات، يهدف إلى إعادة بناء فكرة المواطنة وتحريرها من مفهومها التقليدي الذي يختزلها في حدود الولاء والانتماء، والعمل على تحويلها ونقلها إلى  منهاج سياسي وثقافي للمجتمعات الراشدة.

تقوم منهجية مشروع المواطنة الجديد على توعية المجتمعات بالمواطنة في أبعادها السياسية والاقتصادية والاجتماعية والرقمية، وتستند في ذلك على التدريب والتأهيل للفاعلين المدنيين، وتعزيز قدرات مؤسسات المجتمع المدني في التربية المدنية القائمة على المواطنة، وعبر التأثير الإيجابي في صناعة السياسات العمومية المرتبطة بالمواطنة.

ومن هذا المنطلق، تأسس مركز المواطنة في الأردن في عام 2016، ليكون مؤسسة غير ربحية تسعى إلى ترسيخ قيم المواطنة والتحول الديمقراطي والصالح العام في البلدان العربية. وقد أسس المركز شابات وشباب يؤمنون بقيم المواطنة القائمة على الحوار والتنوع الثقافي والتعددية، ويعتقدون بأن التجديد القائم على المواطنة في بنية النظام السياسي؛ يحمي الديمقراطية والصالح العام.

يتكون مركز المواطنة من هيكل تنظيمي يشمل مجلس استشاري، وفريق تنفيذي، وشبكة متطوعين. ويعمل المركز على تنفيذ مجموعة واسعة من الأنشطة والبرامج التي تهدف إلى تعزيز مفهوم المواطنة وتطوير الوعي السياسي والمدني. ومن بين هذه الأنشطة، برنامج التربية على المواطنة لدى الشبان، التدريب على المواطنة الفاعلة والشأن العام للفاعلين المدنيين، تنظيم الندوات الحوارية والمحاضرات مع أصحاب المصلحة، وإجراء الدراسات والأبحاث، وتقديم الاستشارات للمؤسسات والأفراد.

وقد حقق مركز المواطنة عدة إنجازات منذ تأسيسه، فقد ساهم في تحديث المناهج التربوية الرسمية الأردن على قيم المواطنة، وقام بتأهيل المعلمين والمشرفين التربويين، وأسس شبكة ميسرين في المواطنة والتنوع الثقافي في أكثر من بلد عربي، وإطلاق حملات توعية حول حقوق الإنسان والمشاركة السياسية، وتنظيم فعاليات لتعزيز التفاهم الثقافي والحوار بين مختلف الجماعات المجتمعية. كما ساهم المركز في تطوير مواد تعليمية ومناهج تدريبية تهدف إلى تعزيز الوعي السياسي والمدني بين الشباب.

إن مركز المواطنة يعتبر مثالاً على الجهود الشبابية التي تسعى إلى إحداث تغيير إيجابي في المجتمعات العربية. ومن خلال التركيز على قيم المواطنة والتحول الديمقراطي، يسعى المركز إلى تشجيع المشاركة السياسية والمدنية الفاعلة، وبناء مجتمعات أكثر شفافية وعدالة وتقدماً.

زر الذهاب إلى الأعلى