لماذا الوعي السياسي؟

كان جيل الشباب العربيّ قبل الثورات، متهم بصورة نمطية سلبية، بأنه جيل لا فائدة ترجى منه، غير مكترث، فاقد للبوصلة، غير مؤهل لتبني القضايا السياسيَّة والاجتماعيَّة الإصلاحيَّة، ثم جاءت أحداث العام 2011 لتغيّر هذه الصورة التي أجبرت القوى السياسيَّة والاجتماعيَّة وجموع المثقفين على الاعتراف بأنَّ الجيل الشاب الذي كان يتقدّم جموع المحتجين، ويقود الميادين، ويوجه الرأي العام في منصات التواصل الاجتماعي؛ هو أداة التغيير وصوت الأمل، وهو الجيل الأكثر شجاعة وقوة وتأثير من سابقيه، وبالتالي تبعته مكونات اجتماعية وسياسية هامة، ولازمته في الميادين.

استطاعت الاحتجاجات والثورات التي شهدتها المنطقة العربية قبل 10 سنوات من تفكيك أنظمة سياسية سلطوية وإجبار أنظمة أخرى على إحداث تغيير سياسي والانتقال في مسار إجباري نحو الديمقراطية، إلا أن محاولات التغيير؛ أخفقت في بناء أنظمة سياسية جديدة تنهض بالدولة والمجتمع: سياسيا واجتماعيا واقتصاديا، والأسباب لذلك عديدة، أهمها غياب الوعي السياسي وقيم الصالح العام في “مجتمعات التغيير”،  وأن الانتقال والتحول الديمقراطي حدث في النظام السياسي ولم يحدث في الدولة والمجتمع، بالإضافة إلى غياب عنصر الحيوية والتغيير في البناء الديمقراطي وهو الجيل السياسي.

شكّلت أحداث 2011 هوية جيلية متفردة للشباب العربي، حيث ساهم التفاعل مع أحداث ويوميات الثورة في المجال العام في بناء وعي سياسي جيلي مختلف، يمتلك الجرأة والشجاعة والشغف المستمر للتغير، واصطدمت هذه الرغبة بأنانية القوى السياسية التقليدية التي استحوذ جزء منها على السلطة، وجاهد القسم الآخر للوصول إليها مع إهمال عنصر التغيير السياسي وهو جيل الشباب.

تثبت تجربة التحولات والتغيرات السياسية التي شهدتها المنطقة خلال العقد الماضي، أن الوعي السياسي هو حجر الأساس في بناء النظام الديمقراطي وأهم عوامل نجاحه في الدولة والمجتمع، وعلى العكس من ذلك، يهيأ التخلف السياسي فرصة مواتية لصعود السلطوية والعنف في جسد الدولة والمجتمع.

تهيأ المواطنة الفاعلة بمرجعية الوعي السياسي، يقظة الأجيال الجديدة  للدور السياسي في التغيير الإيجابي، الذي يصنع مقاربة سياسية تنظّم العلاقة بين الفرد والمجتمع والدولة، بما يحقق المصلحة الفضلى لهذه المكونات.

 إيمانا بكل ما سبق، جاء تأسيس مجلة الوعي السياسي لتكون مجلة ثقافية سياسية، يصنع محتوى المجلة ويديرها جيل الشباب، وتهيأ المجلة مساحة للتعبير عن الأفكار والتطلعات السياسية من وجهة نظر جيل الشباب، وبناء قدرات الشباب على التعبير السياسي من خلال الكتابة، بما يساهم في بث الوعي السياسي وتكريسه في ثقافة الجيل، حتى يكتسب القدرة على تحريك الواقع نحو ما هو أفضل.

عبدالله الجبور

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى